“الفيس بوك” يتدخل في تفاصيل حياتك ؟
قناة الإباء / متابعة ….
منذ فترة ليست بالقصيرة أهملت الفيس بوك ولم عد أنشر فيه يوميا ، مثلما كنت أفعل على مدى السنوات الماضية ، لكوني ليس فقط فقدتُ شغفي و اهتمامي به بعدما اكتشفت فيه عددا من سلبيات إلى جانب تلفيق أخبار مضللة أحيانا و بشكل مقصود من قبل البعض و التعامل معها و كأنها الحقيقة المطلقة ، إنما لأن الفيس بوك أخذ يتدخل في أدق تفاصيل حياتنا اليومية ، ولعل من ضمنها التجسس علينا في عقر دارنا ، بل ربما في وسط مخدعنا أيضا !..
فهو لا يكتفي بأن يسأل بكل فضولية ـ
ــ مرحبا مهدي ! .. بم تفكر ؟
أو :
ــ لماذا لم تكتب منذ فترة ؟
أو
ــ مرحبا مهدي نأمل أنك مرتاح في هذه المنطقة الأصطيافية !! ..
فأرد عليه مستغربا و منزعجا :
ــ الله أكبر! .. حتى لهنا لاحقني يا الفيسبوك ؟! ..
علما بأنني ذاهب إلى هناك بمهمة عمل و ليس للأصطياف !..
ولكن الفيس بوك لا يتركك لحالك ، وهو يلاحقك مرافقا كظلك ، لينبئك أين متواجد الآن ، وفي أية نقطة و بقعة أو موقع جغرافي من العالم !!..
ليخلق عندك إحساس دائمي و كأنما أنت مراقب من قبل عيون أمنية ترصدك ليلا و نهارا ،أينما حللتَ و هللتَ ، و ربما حتى في الحمام أيضا ..
ليكتشف المرء في النهاية بأنه قد اضحى بلا أية خصوصية شخصية ..
أو بالأحرى أن خصوصيته الشخصية قد أصبحت مخترقة ومنتهكة ، و معروضة أمام أشخاص سريين يتعقبون أثره من خلف أجهزتهم في طرف خفي و بعيد من أطراف العالم
فالفيس بوك يسمح لنفسه أن يتعامل معك و كأنك أحد أتباعه الخاضعين فهو ينبهك إلى أن تفكر ” الآن ” و أن تكتب شيئا ما ، ويطلب منك بإلحاح أن تبدي إعجابك بمنشور ضحل ، و أن تنشر منشورات ممولة و أن و أن و أن و الخ .
هذا دون ان نشير إلى أن الفيسبوك قد أزال النخبوية في الكتابة بخصوص التمييز الإبداعي ، كما أنه قضى على جزء كبير من الصحافة الورقية و كذلك على الكتاب المطبوع ، مما دفع عديدا من دور النشر إلى حافة الإفلاس .
كما أنه ساهم مساهمة مباشرة في تضخيم مرض الأنا والنرجسية عند البعض بشكل مضحك ومثير للشفقة أحيانا .
ولكن بلا شك إلى جانب كل هذا ، توجد هناك ثمة فوائد عديدة للفيسبوك ولعل من ضمنها فائدة لأولئك الضجرين والعاطلين الذين يجدون فيه وسيلة ممتازة لا تعوّض للتسلية و قضاء وقت الفراغ الهائل الذي يحيطهم من كل حدب و صوب ، بسبب عدم العمل و تمضية معظم الوقت في البيت .
بقلم مهدي قاسم